أسدلت محكمة جنايات البحيرة الستار على واحدة من أبشع القضايا التي هزت الرأي العام خلال الفترة الأخيرة، حيث قضت المحكمة بالسجن المؤبد على المتهم الرئيسي في واقعة مقتل الطفل ياسين، وهي الجريمة التي وقعت في إحدى قرى محافظة البحيرة، وخلّفت موجة من الحزن والغضب في نفوس الأهالي وكل من تابع تفاصيل المأساة. المحكمة لم تكتف بإصدار الحكم فقط، بل أودعت حيثياته التي تضمنت سردًا مفصلًا لما جرى، والأسباب القانونية والموضوعية التي دفعت هيئة المحكمة إلى توقيع أقصى عقوبة على المتهم، والتي رأت أنها تتناسب مع بشاعة الفعل وكونه خارجًا عن الإنسانية.
وجاء في الحيثيات أن المحكمة استندت إلى أدلة قوية ومتكاملة قدمتها النيابة العامة، تضمنت شهادات شهود العيان، وتقرير الطب الشرعي، والأدلة الفنية التي أثبتت بما لا يدع مجالًا للشك تورط المتهم في تنفيذ الجريمة، حيث تعمد استدراج الطفل البريء وخداعه، ثم ارتكب جريمته بدم بارد ودون أدنى رحمة. هيئة المحكمة وصفت الجريمة بأنها ليست فقط اعتداءً على طفل لا حول له ولا قوة، بل جريمة بحق المجتمع بأسره، حيث لم تراعِ القيم ولا الضمير ولا الرحمة التي يجب أن يتحلى بها الإنسان، خاصة عندما يتعلق الأمر بطفل في عمر الزهور لم يرتكب أي ذنب سوى ثقته في من حوله.
الطفل ياسين كان معروفًا بين أبناء قريته ببراءته وطيبته، وكان يوم الحادث قد خرج كعادته للعب بالقرب من منزله، قبل أن يختفي في ظروف غامضة، ما أثار حالة من الاستنفار لدى أسرته والجيران الذين بدأوا في البحث عنه بكل مكان، حتى جاءت الفاجعة الكبرى بعد العثور على جثمانه جثة هامدة وقد تعرض لأبشع أنواع التعدي الجسدي. صدمة الأهالي كانت شديدة، وزادت حدتها بعد معرفة هوية المتهم الذي لم يكن غريبًا عنهم، ما أشعل الغضب ودفع بالجميع للمطالبة بتوقيع أقسى عقوبة ممكنة لردع كل من تسول له نفسه ارتكاب مثل هذه الجرائم الوحشية.
هيئة المحكمة شددت في حكمها على أن الطفل ياسين كان ضحية غدر وجريمة مكتملة الأركان، وأن ما حدث لا يمكن تبريره أو التهاون معه بأي حال، مؤكدة أن المجتمع في حاجة ماسة إلى تطبيق العدالة بحسم، خاصة عندما يتعلق الأمر بجرائم تمس براءة الأطفال وأمن الأسر. وأكدت المحكمة أن العقوبة جاءت بعد دراسة متأنية لكافة جوانب القضية وظروفها، ولم تأخذ بعين الاعتبار سوى وجه الحق، كما راعت في حكمها تحقيق الردع العام، كي لا تتكرر مثل هذه المآسي مستقبلاً.
وبهذا الحكم، يشعر أهل ياسين بشيء من الراحة، رغم أن ألم الفقد لا يزول، لكنهم يعتبرون أن العدالة قد أخذت مجراها أخيرًا، وأن دم ابنهم لم يذهب هدرًا. وبينما يُطوى ملف القضية في سجلات القضاء، تبقى الذكرى المؤلمة حيّة في قلوب الجميع، كجرس إنذار يذكّر بأن حماية الطفولة ليست مسؤولية عائلة فقط، بل واجب مجتمع ودولة ومؤسسات، لحماية الأرواح البريئة من الانكسار المبكر تحت يد العنف والغدر.
مصري الان اخبار مصر لحظة بلحظة مصري الان اخبار مصر لحظة بلحظة