تدر الإعلانات الإلكترونية الملايين شهريًا على كُبرى الشركات التقنية بما في ذلك قوقل، وفيسبوك، ومايكروسوفت، وغيرها الكثير، وذلك بفضل شبكات إعلانية تعرض إعلانات للمُستخدمين أثناء تصفّح المواقع الإلكترونية، أو استخدامات التطبيقات على الأجهزة الذكية.
ومنذ 2016، بدأ الشكل التقليدي لتصفّح شبكة الإنترنت بالتغيّر قليلًا في ظل صحوة كبيرة للمُساعدات الرقمية الموجودة داخل الأجهزة الذكية، التي ساهمت أيضًا في ظهور فئات جديدة منها المُساعدات المنزلية التي تعمل بالأوامر الصوتية فقط. بحسب المُعطيات والإحصائيات، فإن نمو استخدام المُساعدات الرقمية لن يتباطئ أبدًا، فمُعظم الشركات تسعى لاستخدامها في أجهزتها المُختلفة كمصابيح الإنارة وأجهزة التلفاز، وهذا على سبيل المثال لا الحصر. وحتى شركات تصنيع السيّارات بدأت هي الأُخرى بالسير على نفس الخُطا، وهذا يُظهر الأهمّية الكبيرة لهذا النوع من التطبيقات الذكية في المُستقبل.
الانتشار الكبير لتلك المُساعدات سيجلب فائدة مادّية بكل تأكيد للشركات التي قامت بتطويرها، فأي شركة ترغب باستخدام المُساعد بحاجة لتوقيع اتفاقيات مع الشركة المُطوّرة له. لكن الإعلانات من شأنها أيضًا جلب فائدة ماديّة أكبر لو عثرت الشركات على المُعادلة الأمثل لتقديمها صوتيًا.
تجدر الإشارة هنا إلى أن تلك المُساعدات لن تعمل طوال الوقت مثل المذياع، وبالتالي لن تقوم الشركات بتشغيل إعلانات صوتية مثل تلك الموجودة في الراديو لأن المُستخدم سينفر منها بكل تأكيد. لكن وبالنظر إلى طريقة تشغيل تلك المُساعدات، الأوامر الصوتية، وجدت شركات مثل أمازون النموذج الأمثل لتقديم الإعلانات الإلكترونية بحلّة جديدة.
يأمر المُستخدم المُساعد لطلب سيّارة أُجرة له، أو لإجراء حجوزات في مطعم ما، بالإضافة لشراء بعض الحاجيات مثل البطاريّات على سبيل المثال لا الحصر. أمازون تدخل هنا على الخط، فالمستخدم لم يُحدّد العلامة التجارية للبطاريّات، ولهذا السبب تقوم بطلب بطاريّات من علامتها التجارية الخاصّة، Amazon Basics. ونفس الأمر سيتكرّر عند طلب وصلة، أو شاحن، أو مصباح، فالأولوية ستكون لمُنتجات الشركة، لتحصل على عائداتها المالية من بيع تلك المُنتجات.
وسيتكرر نفس الأمر مع بقيّة الشركات مع تغيّر النموذج نوعًا ما، فآبل مثلًا لا تملك سلسلة مطاعم خاصّة بها، إلا أن بعض الاتفاقيات مع بعض الشركات، أو الاستثمارات الضخمة التي قد تبدو غير مفهومة، من شأنها العودة بنتائج إيجابية. آبل مثلًا ضخّت مليار دولار أمريكي في شركة “ديدي” الصينية للنقل التشاركي قبل عامين تقريبًا. الآن وفي ظل صحوة المُساعدات الرقمية، ووصول جهاز “هوم بود”، ستكون الأولوية لسيّارات تلك الشركة لو طلب المُستخدم من سيري سيّارة أُجرة دون تحديد الشركة.
قوقل أيضًا تطوّر الكثير من التقنيات، وتستحوذ على الكثير من الشركات المُتخصّصة في مجال توفير الخضار والفواكه الطازجة، فهل تطمح فقط لمنافسة أمازون؟ بنسبة كبيرة لا، فالمُستخدم وعند رغبته في شراء حاجيّات المنزل عبر “قوقل هوم” أو “قوقل أسيستنت” على أندرويد، ستقوم قوقل بتحويل الطلب لمخازنها الخاصّة ولن تضطر لتحويله لشركات أُخرى.
ومن هنا، فإن شركات تقديم الخدمات أصبحت بحاجة كبيرة لطلب ودّ الشركات الكُبرى أملًا في أن يكون لها دور فعّال في مُستقبل تكون فيه التفاعلات مع الأجهزة الذكية صوتية فقط. وهذا بدوره يُفسّر الاستثمارات الكبيرة، أو الاستحواذات، التي ستحصل بين الحين والآخر.