استفاقت ليبيا، الأحد، على وقع هدوء في كل محاور القتال بالعاصمة طرابلس، التي كانت مسرحا لمواجهات عنيفة بين قوات الجيش الليبي وقوات حكومة الوفاق، وذلك مع دخول وقف إطلاق النار الذي قبل به الطرفان حيّز التنفيذ، والذي سيكون بمثابة اختبار جديد حول مدى التزام الفاعلين الداخليين وحتى الخارجيين المعنيين بالأزمة الليبية، بهذه الهدنة.
وأمس السبت، أعلن طرفا النزاع في ليبيا وقف العمليات القتالية اعتبارا من منتصف ليل السبت/الأحد، وذلك استجابة لمبادرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهي خطوة رحبت بها بعثة الأمم المتحدة في ليبيا التي حثّت الطرفين على “الالتزام بشكل صارم بوقف إطلاق النار وإعطاء فرصة للجهود السلمية لمعالجة كل الخلافات من خلال حوار ليبي-ليبي”، كما قوبلت بارتياح كبير من الليبيين الذين رأوا فيها فرصة تاريخية لوقف نزيف الدم والدمار في بلادهم.
الانضباط مقابل العشوائية
وقد جاءت هذه الهدنة، والمؤمل أن تستمر، كمقدمة للعودة إلى الحلول السياسية بين طرفي الصراع لإنهاء الأزمة في البلاد، لكن يبدو أنها مرهونة سياسيا بدعم الأطراف الخارجية والالتزام بعدم تعطيلها، وميدانيا كذلك، وهذا مرتبط بقدرة الطرفين على احترام وقف إطلاق النار وعدم خرقه.
ولهذا لا يبدو الكاتب والباحث السياسي عبدالله الحاج متفائلا كثيرا بصمود هذه الهدنة، موضحا أن “الجنرال خليفة حفتر قادر على التحكم في قواته بالجيش وفرض انضباطها”، بخلاف ميليشيات الوفاق التي وصفها بـ”العشوائية”، مضيفا أن “المجلس الرئاسي غير قادر على التحكم في هذه القوات التي قد تخرق الهدنة في أي لحظة، وهو أمر سيكشف أمام العالم تبعيتها الحقيقية”.
وأوضح الحاج في تصريحات لـ “العربية.نت”، أن قبول حكومة الوفاق بهذه الهدنة سيثير خلافات مع قواتها، وسط مخاوف من احتمال قبول الوفاق بأي تسوية سياسية مع حفتر، قد تنتهي بتسليم قوات طرابلس ومحاسبتها أمام محاكم عسكرية.
موضوع يهمك ? في تعليق لضابط البحرية الأميركية المتقاعد، اللفتنانت كولونيل أوليفر نورث، على مواقف الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، تجاه…
خبير أميركي: ترمب يستطيع شنّ هجوم قد يوصد إيران بالكامل
أميركا
شكوك حول مصير الهدنة
وشكك المحلل السياسي، محمد الرعيش، أيضا باستمرار هذه الهدنة لغياب ضمانات، مشيرا إلى أن طموح الجيش لن يتوقف إلا بالسيطرة على العاصمة طرابلس، كما أن قوات الوفاق لن تقبل الآن بأن تقسم مع الجيش، طرابلس وستعود إلى القتال في محاولة لطرد الجيش من المناطق التي سيطر عليها.
وأوضح الرعيش لـ “العربية.نت” أن التجارب السابقة أكدت أن “ليبيا لم تستفد من مبادرات الهدنة وذلك لانعدام حسن النوايا وغياب الثقة بين مختلف الأطراف المتصارعة والقوى المسيطرة على الأرض”، لافتا إلى أن إعلانها وفرضها من خارج ليبيا “يعطي انطباعا بأنها جاءت دون تنسيق وتوافقات داخلية، ولذلك فإن هذه الهدنة ستكون مؤقتة يقوم خلالها الطرفان بإعادة ترتيب القوات للعودة إلى مواجهة عسكرية قادمة”.