الدكتور نبيل فهمي: إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط تهدد العرب ويجب أن نأخذ زمام المبادرة

تناول الدكتور نبيل فهمي، وزير الخارجية الأسبق، العديد من القضايا المهمة التي تخص الأمن الإقليمي العربي، وخاصة في ظل الظروف الراهنة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط من اضطرابات وتحديات داخلية وخارجية. وقد أكد أن ما يحدث في المنطقة ليس مجرد تغيرات عابرة، بل عملية إعادة تشكيل تضع العرب أمام تحديات كبيرة قد تؤدي إلى تهديد وجودهم السياسي والاجتماعي، إلا إذا اتخذوا زمام المبادرة.

 

إعادة تشكيل الشرق الأوسط من الداخل والخارج

 

أوضح الدكتور فهمي أن فكرة إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط ليست جديدة، بل هي واقع بدأ يتشكل منذ فترة طويلة نتيجة التغيرات المتسارعة في السياسة الدولية وتدخلات القوى العالمية. وقال: “الشرق الأوسط مضطرب ويعاد تشكيله بشكل متسارع، سواء من الداخل أو من الخارج”. وأضاف أن هذا التغيير سيؤثر بشكل كبير على الدول العربية التي سيكون لها النصيب الأكبر من هذه التحولات، لاسيما في ظل الأزمات المستمرة في العديد من البلدان العربية مثل سوريا واليمن وليبيا.

 

وأكد الوزير الأسبق أن العرب يجب أن يكونوا في قلب هذه التحولات وأن يتفاعلوا معها بحذر وبخطوات مدروسة. وشدد على ضرورة أن يأخذوا المبادرة بشكل جدي في تعزيز التوازن بين علاقاتهم الدولية، سواء كانت مع الدول الكبرى أو القوى الإقليمية. وتابع قائلاً: “المستهدف الرئيسى من إعادة تشكيل المنطقة هم العرب، والثمن الأغلى سيكون على حسابهم إلا إذا اتخذوا المبادرة وعملوا على تعزيز قوتهم الداخلية”.

 

سوريا ونظام الأسد: درس قاسي من الماضي

 

تناول الدكتور نبيل فهمي الأوضاع في سوريا، والتي كانت تشهد تحولات كبيرة بعد الحرب الأهلية الدائرة منذ عام 2011. وفي تعليقه على الأحداث الأخيرة، أشار إلى أن سقوط النظام السوري كان نتيجة لضعف بنية النظام نفسه. وقال: “ما حدث في سوريا كان سقوطًا مفاجئًا للنظام، وهذا يعود إلى ضعف المؤسسات السورية وعدم القدرة على التصدي للأزمات”. وأضاف أن هذا يشير إلى مشكلة أساسية كان قد حذر منها مرارًا، وهي أن “الاعتماد على القوى الخارجية أكثر من اللازم هو خطأ جسيم”.

 

وتابع الدكتور فهمي أنه على الرغم من الدور الكبير الذي لعبته بعض القوى الإقليمية والدولية في النزاع السوري، إلا أن الدول العربية يجب أن تتعلم من هذا المثال وأن تكون أكثر استقلالية في قراراتها السياسية. وأكد أن التبعية المفرطة للقوى الخارجية تجعل الأنظمة العربية عرضة للتلاعب والتأثيرات التي قد تضر بمصالحها الوطنية.

 

قوة النظام الداخلي: درع الأمان في مواجهة المؤامرات

 

أشار الوزير الأسبق إلى أن القوة الداخلية لأي دولة هي العامل الأساسي في التصدي لأي طموحات خارجية أو مؤامرات. وأضاف: “لكل دولة صديقة أو عدوة حساباتها وأولوياتها، ولكن الدرع الواقى الوحيد أمام الطموحات الخارجية هو قوة ومشروعية النظام الداخلى، والتي تتجسد في الالتفاف الشعبي حول القيادة”. وأوضح أن استجابة القيادة لطموحات المواطنين وتلبية احتياجاتهم يعتبر من أهم عوامل استقرار النظام السياسي وحمايته من المخاطر الخارجية.

 

الدور العربي في التحولات الإقليمية والدولية

 

وفي إطار سرده للأوضاع في المنطقة، أكد الدكتور نبيل فهمي أن العالم يشهد تحولات جذرية في التوازنات السياسية، التي تؤثر بشكل مباشر على المنطقة العربية. وشدد على أهمية أن تضع الدول العربية استراتيجيات جديدة لمواجهة هذه التحولات. وأوضح أن العلاقات العربية الخارجية يجب أن تكون قائمة على المصالح المشتركة لا على الحسابات الفردية، وأن هناك ضرورة ملحة لبناء شراكات استراتيجية جديدة مع القوى الدولية والإقليمية.

 

وأشار إلى أن العرب قادرون على تجاوز التحديات الراهنة، شريطة أن يكون هناك وحدة في الموقف العربي وتنسيق بين الدول العربية لحماية مصالحها الوطنية. وقال: “لا بد من إعادة النظر في استراتيجياتنا الداخلية والخارجية، والعمل على بناء قوة عربية حقيقية تستطيع التأثير في مجريات الأحداث العالمية”.

 

خاتمة: مواجهة المستقبل بتعقل وحكمة

 

في ختام حواره، دعا الدكتور نبيل فهمي إلى ضرورة إعادة تقييم الوضع العربي بشكل شامل، مع التركيز على بناء الداخل السياسي والاقتصادي، لتعزيز قوة الدول العربية في مواجهة التحديات القادمة. وأضاف: “التعامل مع الوضع الراهن يحتاج إلى تعقل وحكمة، ولا بد من تبني سياسة استراتيجية تهدف إلى تقوية الداخل العربي وتفعيل دورنا الفاعل في إعادة تشكيل المنطقة بما يخدم مصالحنا ويعزز استقرارنا”.

 

إن التحولات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط حاليًا تفرض على العرب أن يكونوا جزءًا فاعلًا في صياغة المستقبل، ولا يمكنهم أن يتجاهلوا هذا الواقع إذا كانوا يريدون الحفاظ على أمنهم واستقرارهم في مواجهة التحديات المتزايدة.

 

 

عن admin

شاهد أيضاً

الرئيس السيسي يرسل برقية للملك محمد السادس متمنياً له الشفاء العاجل

أرسل الرئيس عبد الفتاح السيسي برقية إلى الملك محمد السادس، ملك المملكة المغربية، متمنياً له …

التخطي إلى شريط الأدوات