بعد سقوط نظام بشار الأسد يوم الأحد الماضي، أصبحت الأنظار تتجه نحو حكومة سوريا الجديدة، التي تشكلت بقيادة محمد البشير، والتي تسعى إلى معالجة التحديات السياسية والاقتصادية الكبيرة التي تواجهها البلاد. في أول اجتماع لها، الذي عقد يوم الثلاثاء في دمشق، ناقشت الحكومة الجديدة كيفية التعامل مع الوضع العسكري والأمني في سوريا، بالإضافة إلى إعادة ترتيب الأوضاع الاقتصادية والإدارية التي خلفها النظام السابق.
أهداف الحكومة السورية الجديدة
في بداية مشوارها، أكدت الحكومة المؤقتة بقيادة محمد البشير على أنها ستعمل على نقل الصلاحيات التنفيذية للسلطات المحلية والبحث في إعادة تنظيم الجيش السوري. الحكومة تأمل في معالجة الوضع الأمني وتحقيق الاستقرار في المؤسسات، وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين السوريين بشكل مستمر.
وقد كشف البشير عن أن من أولويات الحكومة العمل على عودة اللاجئين السوريين من الدول المجاورة مثل تركيا، مع التركيز على استعادة الحياة الطبيعية في معظم المحافظات السورية.
إرث بشار الأسد وتحديات الحكومة الجديدة
أحد أكبر التحديات التي تواجهها الحكومة الجديدة هو إرث بشار الأسد. فقد خلف النظام السابق تركة إدارية فاسدة، بما في ذلك قوانين الإرهاب، فضلاً عن حالة اقتصادية سيئة جداً. الليرة السورية، التي كانت في حالة انهيار تام، تمثل تحديًا اقتصاديًا كبيرًا أمام الحكومة التي تجد نفسها أمام مهمة صعبة في إصلاح ما دمره النظام السابق.
وفيما يتعلق بمسألة المحاسبة، أكد البشير أن مجرمي الحرب من نظام بشار الأسد سيواجهون المحاكمة بناءً على القوانين السورية الحالية.
الجيش السوري: إعادة الترتيب والأولويات
تعد مسألة الجيش السوري من أبرز الملفات التي سيتم التركيز عليها في الأيام المقبلة. الحكومة الجديدة تخطط لإجراء تغييرات في هيكلية الجيش، على الرغم من أنه لم يتم تحديد تفاصيل واضحة عن كيفية التعامل مع هذه القضية. أوردت بعض المصادر أن الحكومة تخطط لحل العديد من الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السابق، إلى جانب إلغاء قوانين الإرهاب، وهو ما يعكس رغبة في وضع أسس جديدة للجيش تتماشى مع المرحلة الانتقالية.
محمد البشير: تحديات كبيرة ومسؤوليات ضخمة
محمد البشير، الذي تم تكليفه برئاسة الحكومة المؤقتة، أكد في تصريحاته أن الحكومة السورية تواجه تحديات كبيرة، مشيرًا إلى أن البلاد تعيش في حالة اقتصادية بالغة السوء وأن العملة الوطنية (الليرة السورية) لا قيمة لها حاليًا. كما أشار إلى أن الحكومة تسعى إلى تعزيز دور القطاع الحكومي وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين في ظل الظروف الحالية، حتى يتم تشكيل حكومة دائمة تعكس تطلعات الشعب السوري.
وفيما يخص اللاجئين السوريين، أكد البشير أن الحكومة الجديدة ستعمل على توفير الظروف المناسبة لعودتهم إلى بلادهم، مشددًا على أن حقوق جميع المواطنين ستكون محفوظة، وأن سوريا ستظل وطنًا لجميع أبنائها على الرغم من المعاناة التي مروا بها خلال سنوات الحرب.
مهام الحكومة السورية الجديدة
تتمثل المهام الأساسية التي سيقوم بها فريق البشير في ضبط الأمن في جميع المناطق السورية، بالإضافة إلى توفير الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم، مع الحفاظ على استقرار مؤسسات الدولة. كما تهدف الحكومة إلى ضمان انتقال سلس خلال فترة عملها، التي ستستمر حتى مارس 2025، عندما يُتوقع تشكيل حكومة دائمة.
البشير أكد أن الحكومة الجديدة ستعمل على ضمان عدم تفكك الدولة السورية واستمرار عمل المؤسسات بشكل طبيعي، مع العمل على معالجة الفساد المستشري في مفاصل الدولة والذي خلفه نظام الأسد.
التعاون بين الحكومة السورية الجديدة والجيش
من المتوقع أن يكون هناك تنسيق بين الحكومة السورية الجديدة والجيش لتحقيق الأمن والاستقرار في البلاد. إلا أن تحديد العلاقة بين الحكومة والجيش في المرحلة الانتقالية سيكون أمرًا بالغ الأهمية، خاصة في ظل المخاوف من تأثيرات بعض الأجنحة العسكرية التابعة للنظام السابق. تعاون الحكومة مع الجيش سيتطلب جهودًا لتحديد دور الجيش في المستقبل السياسي لسوريا، بحيث يكون بمثابة الحامي للدولة وليس أداة في يد نظام مستبد.
الآفاق المستقبلية لسوريا
في ظل هذه التحولات الكبيرة، يأمل الشعب السوري في أن تقدم الحكومة الجديدة حلولًا واقعية للوضع الاقتصادي الكارثي وتوفر خدمات أساسية تسهم في تحسين معيشة المواطنين. العودة الآمنة للاجئين و تحقيق الاستقرار السياسي سيكونان من أهم المعايير التي ستحكم نجاح الحكومة في الفترة الانتقالية.
ختامًا، الحكومة السورية الجديدة بقيادة محمد البشير أمام تحديات كبيرة لإصلاح البلاد بعد سقوط بشار الأسد. لكن إذا نجحت في معالجة الإرث الفاسد وتوفير الخدمات الأساسية، فإنها قد تفتح آفاقًا جديدة لمستقبل أكثر استقرارًا لسوريا وشعبها.