في مشهد لا تستطيع الكلمات أن تصفه، ولا تتحمله قلوب الآباء مهما كانت قوية، روى والد الطفلة التي لقيت مصرعها غرقًا في إحدى ترع محافظة المنيا تفاصيل اللحظات المؤلمة التي سبقت اختفاء طفلته الصغيرة في مشهد مأساوي لا يُمحى من الذاكرة. الأب المكلوم وقف مذهولًا عاجزًا أمام ما حدث، حين كانت نجلته الصغيرة تلعب بالقرب من الترعة برفقته، قبل أن تتحول لحظات اللعب والضحك إلى كارثة مأساوية في لحظة لا يتخيلها عقل.
يروي الأب تفاصيل اللحظة التي انقلب فيها كل شيء رأسًا على عقب، حيث كانت الطفلة تلهو وتتحرك على جانب الطريق المحاذي للترعة، وهي لا تدرك خطر الاقتراب منها. لم يكن في المشهد ما ينذر بالخطر، ولم يتوقع أحد أن الأرض تحت أقدامها قد تخونها. ولكن فجأة وبدون سابق إنذار، حدث ما يشبه انهيارًا في التربة، حيث انشقت الأرض وسقطت الطفلة دفعة واحدة في مياه الترعة، كما لو أن الترعة ابتلعتها، وسط ذهول وصرخات الأب الذي لم يستطع فعل شيء في لحظتها سوى النداء على الناس والاستغاثة، على أمل أن يتم إنقاذها قبل فوات الأوان.
محاولات الإنقاذ جاءت سريعة لكنها لم تسفر عن نتيجة فورية، فالمياه كانت غادرة وسحب التيار كان أقوى من أي محاولة فردية، واستمر البحث لفترة إلى أن تم العثور على جثمان الطفلة الصغيرة بعد جهود مضنية من فرق الإنقاذ. لحظات مؤلمة عاشتها الأسرة، وتحديدًا الأب الذي ظل يردد بكلمات يملؤها القهر والحزن أنه لم يكن يتخيل أن الرحلة القصيرة التي خرج بها مع طفلته ستنتهي بهذا المصير المؤلم. قال إن ابنته كانت تضفي على البيت روحًا من الفرح والضحك، وكانت ملاكًا صغيرًا ينبض بالحياة، والآن أصبحت ذكرى موجعة في قلب كل من عرفها.
وتُعيد هذه الواقعة إلى الواجهة الحديث المؤلم حول خطورة الترع والمجاري المائية المفتوحة، خاصة تلك القريبة من المناطق السكنية، والتي باتت تُشكل تهديدًا حقيقيًا للأطفال والأهالي على حد سواء. فما حدث مع الطفلة في المنيا لم يكن الأول من نوعه، ولن يكون الأخير إذا لم تُتخذ الإجراءات اللازمة لحماية المواطنين من هذه الممرات المائية المكشوفة، التي تفتقر إلى وسائل الأمان كالسياج أو التحذيرات المرئية.
وتحولت قصة الطفلة خلال ساعات إلى حديث الأهالي ووسائل التواصل، حيث خيمت أجواء الحزن على قرية الأسرة وكل من سمع الواقعة، وسط حالة من التعاطف الشديد والغضب في الوقت ذاته، بسبب الإهمال الذي تسبب في إزهاق روح بريئة، كان من الممكن أن تعيش عمرًا أطول لو توفرت سبل الحماية حول تلك الترعة. وطالب الأهالي المسؤولين بضرورة التدخل السريع لتغطية الترع، أو على الأقل إنشاء حواجز آمنة تمنع تكرار مثل هذه الحوادث المفجعة، فحياة الأبرياء لا يجب أن تكون مهددة لمجرد وجودهم في محيط طبيعي غير مؤمن.
وفي النهاية، يقف الأب المكلوم أمام مأساة لا يعبر عنها سوى دموعه، يروي الحكاية وداخله آلاف الأمنيات بأن تكون مجرد كابوس عابر، لكنه يعلم أن الواقع أقسى من ذلك، وأن فلذة كبده رحلت إلى الأبد، في لحظة لم يكن يتوقع فيها أن يتحول حضن الأرض إلى فخ قاتل، وأن يلقي النظرة الأخيرة على طفلته في مشهد لا ينسى، لتظل قصتها شاهدًا على ضرورة إنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل أن نفقد المزيد من الأرواح في صمت مؤلم.