[ad_1]
قراءة في المصطلحات على خلفية الهجوم التركي على الأكراد
يتبادل طرفا الصراع في شمال شرق سوريا الشتائم والاتهامات.
وفي هذا السياق، تم تداول مقاطع فيديو تظهر عناصر من الفصائل السورية الموالية لتركيا وهم يدعون إلى قتل “الكفار” في إشارة إلى المقاتلين الأكراد.
من جهته، وصف المتحدث باسم “قوات سوريا الديمقراطية” الجماعات التي تهاجم الأكراد بالمتطرفة مؤكداً أنهام تستخدم “هتافات داعش“، وفقا لما نشرته صحيفة “جيروسلم بوست”.
ترويع المدنيين
وحسب “جيروسلم بوست”، تُعد المصطلحات المستخدمة في أي حرب بالغة الأهمية. ومن هنا تأتي أهمية مقاطع الفيديو التي تصور الفصائل المدعومة من تركيا التي تتوعد فيها هذه الفصائل معارضيها بالقتل والنهب. كما أدى توجيه اتهامات بوجود صلات بين الفصائل الموالية لتركيا وتنظيم داعش، لاندلاع توترات على الإنترنت بين مؤيدي الجانبين. كما أدت مقاطع الفيديو المتداولة والادعاءات المتبادلة إلى تطورات على الصعيد الميداني، حيث فرّ الآلاف من المدنيين من مناطقهم خشية على حياتهم.
استنساخ لعملية عفرين
قبل بدء الهجوم التركي في 9 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعد انسحاب الولايات المتحدة من جزء من شمال شرق سوريا، كانت هناك مخاوف من أن تركيا ستجري عملية مماثلة لتلك التي شنتها في عفرين في يناير/كانون الثاني 2018. ففي عفرين، قام 10 آلاف عنصر من الفصائل السورية الموالية لتركيا والتي تتلقى دعما وتمويلا من أنقرة، بنهب وتدمير 180 ألف منزل مملوكين للأكراد بهدف إجبارهم على الفرار، كما تعرضت مقابر ودور العبادة الخاصة بالأقليات للهجوم، بينما تم تدمير المواقع الأثرية وتفجير الآثار، حسب “جيروسلم بوست”.
“الدواعي الأمنية”
يذكر أن الهجوم التركي الأخير على المناطق المحيطة برأس العين وتل أبيض في سوريا أتى تحت ستار “المخاوف الأمنية” لأنقرة. واشترط الغرب على تركيا الالتزام بضبط النفس. لكن الإدارة الأميركية تبلغت بأن الفصائل السورية المدعومة من تركيا (المعروفة باسم “الجيش الوطني السوري”) كانت غير منضبطة وبدأت في إعدام الناس وقتل المدنيين ونهب الممتلكات والمنازل.
ورصدت القوات الأميركية من خلال مقاطع فيديو التقطتها طائرات مسيرة بعضاً من هذه الممارسات والجرائم. كما قامت عناصر من هذه الفصائل بتصوير مقاطع فيديو لعمليات إعدام المدنيين.
الإسلاموفوبيا
وإثر هذه التجاوزات، وصفت “قوات سوريا الديمقراطية” الفصائل الموالية لتركيا بـ”الدواعش”. لكن بعض النقاد يرى أن هناك مبالغة من قوات سوريا الديمقراطية ومؤيديها في هذا التشبيه بداعش، معتبرين أن هكذا تصريحات تنم عن حالة من الـ”إسلاموفوبيا” (رهاب الإسلام).
موضوع يهمك
?
عادة ما يتعامل الإعلام مع جرائم الطرد الجماعي أو الإبادة الجسدية لمجتمع عرقي أو ديني بأكمله، والتي تسمى “تطهيرا عرقيا”…
إندبندنت: أردوغان لا يزال يقترف تطهيرا عرقيا ضد الأكراد
سوريا
وفي هذا السياق، غرّد مصطفى بالي، المتحدث باسم “قوات سوريا الديمقراطية” على منصة “تويتر” قائلاً إنه عندما يهتف أحدهم “الله أكبر”، بينما يهدد بمهاجمة بلدة تقطن فيها أقلية مسيحية أو كردية، مثل تل تامر في شرق سوريا، كما حدث مؤخراً، فإن الهتاف يكون متطرفاً في هذه الحالة. لكن كثيرون قاموا بالتعقيب على تغريدة بالي موضحين أنه “ليس كل من يقول الله أكبر إرهابياً”.
ويستند الرأي الناقد لتشبيهات “قوات سوريا الديمقراطية” إلى حقيقة أن هناك أكثر من مليار مسلم ينطقون “الله أكبر” أثناء صلواتهم اليومية، لذا فإن الادعاء بأن من يلفظ هذه العبارة أثناء قتاله على جبهة ما مرتبط بـ”داعش” استدلال خاطئ.
في المقابل، يقول مؤيدو رأي “قوات سوريا الديمقراطية” أن ما يهم هو السياق الذي تذكر فيه، فإذا كان الهتاف بشعارات دينية في الحرب وتوعد بقتل “الكفار”، فإن الأمر هنا يشبه تنظيم “داعش” أو “القاعدة”.
مصطلح “الإرهاب”
يبرز تناقض في سياق هذه المناقشات، وهو أن العديد من الرافضين لاتهامات “قوات سوريا الديمقراطية” بأن هناك صلات بين الفصائل التابعة لتركيا وتنظيم داعش، هم فعلياً من مؤيدي تركيا. في المقابل، يتهم هؤلاء “قوات سوريا الديمقراطية” بأنها هي التي ترتبط بمنظمة إرهابية وهي “حزب العمال الكردستاني”، وبالتالي فإن قوات سوريا الديمقراطية هي التي يمكن وصفها بـ”الإرهاب”.
وفي هذا السياق، يشير تقرير “جيروسلم بوست” إلى أن “هناك العديد من الأوجه للحقائق في الحرب، فلا توجد دائماً إجابة واضحة لأن الكلمات تُغمر بمعاني مختلفة من كل من يقولها ومن يتلقاها”. وتضيف الصحيفة أيضا أن “الحكومات والجماعات المختلفة تستخدم مصطلحات مثل “الإرهابي” بطرق مختلفة، وأحياناً تأتي كجزء من الدعاية، التي تصف كل معارض أو كل شخص يعتبرونه عدواً بأنه إرهابي”.
ترجمة التصريحات.. في الميدان
وللجدل الكلامي على منصات التواصل الاجتماعي ترجمة فعلية في الميدان.
على سبيل المثال، حادثة سحب الناشطة الكردية هفرين خلف من سيارتها وجرها من شعرها إلى حيث قامت الفصائل المدعومة من تركيا بتصفيتها في 12 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. حينها، وصفت إحدى وسائل الإعلام التركية، المصنفة ضمن “اليمين المتطرف”، تلك الجريمة المأساوية بأنها عملية “تحييد ناجح”.
الضحايا هم المدنيون
وتدعي الحكومة التركية أن هناك رابطا بين الأكراد في سوريا و”حزب العمال الكردستاني”، رغم أن العديد من الأكراد لا يدعمون “حزب العمال الكردستاني”. ويقود هذا إلى طرح تساؤل هو: لماذا يصنف مؤيدو الأكراد في شرق سوريا على أنهم من “حزب العمال الكردستاني”؟ لا يوجد دليل على أن معظم من قاموا بالانضمام إلى صفوف قوات سوريا الديمقراطية، وكثير منهم لمحاربة داعش، كانوا “ماركسيين” أو حتى أنهم “ملحدون”.
لكن استخدام مثل هذه المصطلحات أو التصنيفات هدفه مجرد تجريد الأكراد في سوريا من إنسانيتهم وإيجاد أعذار لنهب منازلهم ومصادرة ممتلكاتهم، وبالتالي فإن للمصطلحات تداعيات حقيقية تؤذي المدنيين.
الحروب واللغات
تكمن مشكلة في شرق سوريا في أنها تشهد عدة حروب دائرة في نفس الوقت، بالإضافة إلى حرب واحدة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وإلى حد كبير باللغة الإنجليزية.
تتحدث معظم الميليشيات المتقاتلة على أرض الواقع باللغة العربية، وبعضها يتحدث اللغة الكردية أو التركية.
ولذا، وبالنسبة لراسمي السياسات الكبرى في الغرب، كانت هناك معضلة العثور على كلمات يمكن استخدامها لوصف المتطرفين، فدار نقاش حول استخدام مصطلحات مثل “الإسلاميين” أو “إسلامية” خشية أن تؤدي إلى آراء معادية للمسلمين.
وفضلت بعض الإدارات استخدام وصف “التطرف العنيف” لوصف “داعش”. من جهتها، تصف إيران هؤلاء المتطرفين بأنهم “تكفيريين”.
مصطلح “الطائفية”
وتظهر كلمة أخرى في المناقشات، يشار بها أحياناً إلى الأزمات الأخيرة في سوريا، هي “الطائفية”. وتستخدم هذه الكلمة أحياناً لوصف الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران في العراق، وقد استخدمت أيضاً ضد الأكراد، حيث جرى اتهامهم بأنهم “طائفيون” بسبب اهتمامهم بالقضايا والحقوق الكردية.
وفي هذا النقاش، يتهم كل طرف الآخر بأنه طائفي. وتعد وحدات حماية الشعب الكردي “طائفية”، وكذلك الفصائل السورية العربية التي تدعمها تركيا، ونظام الأسد، وكذلك الميليشيات، التي تدعمها إيران.
ومن المفارقة أنه عندما وُصفت الميليشيات الشيعية بأنها “طائفية”، لم تحصل الجماعات السنية المماثلة على التصنيف، بل أطلق عليها وصف “الجهادية”.
فسيفساء المصطلحات
تم تصميم هذه الفسيفساء من المصطلحات لجذب انتباه الآذان المتناغمة معها. يشبه الوضع حالياً في سوريا الطريقة التي تحدث بها الشيوعيون ذات يوم عن “الفاشيين” و”اليسار الصعب” و”أقصى اليمين”. إنها تستحضر عصورا سابقة مثل عصر “فرق الموت اليمينية” في أميركا اللاتينية أو “الثوار الماركسيين” أو “الميليشيات المسيحية اليمينية” في لبنان.
أيهم يقصدون؟
في نهاية المطاف، ينتهي الأمر إلى سماع المصطلحات نفسها في المناقشات كما تكتب في الوثائق الرسمية.
على سبيل المثال، عندما ناقشت روسيا وتركيا وقف إطلاق النار في شمال سوريا في 22 أكتوبر/نشرين الأول، تحدث المسؤولون من الجانبين عن “تعطيل جداول الأعمال الانفصالية”. وتم الإشارة إلى وحدات حماية الشعب بتعبير “عناصر وحدات حماية الشعب”. كما تم ذكر “تسلل عناصر إرهابية،” بدون تحديد من المقصود بهذه التسمية أو من هم المشار إليهم بها.
في نفس السياق، وفي سبتمبر/أيلول 2018، عندما ناقشت تركيا وروسيا ما وقع من أحداث في إدلب طالب الجانب الروسي بانسحاب “الجماعات الإرهابية المتطرفة”، ولم تذكر الوثائق من هم.
[ad_2]