في لفتة إنسانية تعبّر عن التقدير العميق للقيم النبيلة والشجاعة النادرة، أجرى فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، اتصالًا هاتفيًا بأسرة شهيد واقعة العاشر من رمضان، والذي لقي مصرعه أثناء تصديه لمحاولة إجرامية كادت أن تُلحق أضرارًا فادحة بالمواطنين والممتلكات العامة. وخلال المكالمة، عبّر فضيلة الإمام عن مشاعر الحزن العميق التي غمرته فور علمه بالحادث البطولي الذي راح ضحيته أحد أبناء مصر الشجعان، وقدم أحرّ التعازي القلبية لأسرة الشهيد، مؤكدًا أن ما قام به من موقف بطولي لا يُنسى، ويُجسد أسمى معاني التضحية من أجل الوطن وسلامة الناس.
وخلال حديثه المؤثر مع أسرة الشهيد، أكد شيخ الأزهر أن مثل هذه البطولات لا يجب أن تمر مرور الكرام، بل لا بد من أن تحظى بالتقدير والتكريم، لأنها تُمثل قمة الشرف والولاء، وتُجسد صورة المواطن الصادق الذي لا يتردد في التضحية بنفسه حين يشعر بأن الأرواح والممتلكات في خطر. واعتبر فضيلته أن الشهيد لم يكن مجرد شخص تصادف وجوده في موقع الحدث، بل كان إنسانًا فطنًا، تحركت فيه نخوة المصري الأصيل، فأقدم على حماية الناس في لحظة لم يكن يملك فيها سوى شجاعته وسرعة بديهته.
ووجّه الإمام الأكبر تعليماته بأن يتم تكريم هذا الشهيد بالشكل الذي يليق بتضحيته وتاريخه، داعيًا إلى أن تظل ذكراه حية في وجدان المجتمع، ليس فقط عبر التكريم الرسمي، ولكن من خلال تسليط الضوء على بطولته ليكون قدوة للأجيال المقبلة. كما دعا إلى تقديم كافة أشكال الدعم والمساندة المعنوية والمادية لأسرته، تقديرًا لما فقدوه من ابنٍ غالٍ لم يبخل بحياته في سبيل حماية الآخرين.
وأعرب الإمام الأكبر عن اعتزازه الكبير بوجود مثل هؤلاء الأبطال بين أبناء الوطن، مؤكدًا أن هذه الروح البطولية هي التي تحفظ المجتمعات وتصون أمنها واستقرارها، وهي التي تدفع كل فرد إلى الإحساس بالمسؤولية تجاه وطنه، خاصة في اللحظات الفارقة. وأضاف أن التضحية في سبيل الحق والعدل والأمن هي من أعلى مراتب الجهاد في الإسلام، مشددًا على أن الشهداء الحقيقيين هم من يواجهون الباطل دون خوف، ويقفون في وجه الشر مهما كانت العواقب.
وتأثر أفراد أسرة الشهيد بكلمات الإمام الأكبر، التي خففت عنهم وطأة الفقد، ومنحتهم شعورًا بالعزاء والعزة في آن واحد، إذ لمسوا في حديثه تقديرًا صادقًا واعترافًا رسميًا بما فعله ابنهم، الذي ودع الحياة بشرف في لحظة فارقة أنقذ فيها أرواحًا كثيرة بتصرفه النبيل.
واختتم شيخ الأزهر حديثه بدعوة صادقة بالرحمة والمغفرة للشهيد، مؤكدًا أن الأزهر الشريف لن ينسى مواقف البطولة التي يقدمها أبناء مصر الشرفاء، وأنه سيظل داعمًا ومناصرًا لكل من يسير على درب الحق، ويقدّم روحه فداءً للوطن، ليبقى المجتمع قويًا متماسكًا، ينبض بالقيم والمبادئ التي تُحافظ على إنسانيته واستقراره.