أخطر ما تاجرت فيه تيَّاراتُ الصحوة الإسلامية أنها جعلت التطرُّف وجهةَ نظر، وحبَّبته للناس من باب الاستعلاء بالدين، بوصفه قيمةً عُليا تعكسُ الجدارةَ وتُرسِّخ الاستحقاق. فصار الإيمانُ رهينَ التشدُّد، والأفضليّةُ ابنةَ المظهرية المُوغلة فى المُغالاة والسفاسف. وحصاد ذلك الآن؛ أن تجد مُراهقًا يتلبَّسُ عباءةَ الفقيه من دون حَرج، والذين غُسِلَت عقولُهم إلى أن تشوَّهت أرواحُهم، لا يستشعرون غضاضةً فى التنطُّع والمُباهاة بالجهل، وأن يستكملوا مسار مُرشديهم الروحيِّين، أو بالأحرى مُضلِّليهم، لناحية إذكاء حالة الفُرقة والانقسام، وإنتاج فكرة «الفرقة الناجية» كمُمارسةٍ يومية، تُغلِّف كلَّ التفاصيل من أعلاها لأدناها، وتُصبح بديلاً مُتغطرسًا عن التدبُّر وإعمال العقل، وعن افتراض الخطأ فيما تستحبُّه النفسُ، والصواب فيما ينحوه الآخرون. ونظرةٌ واحدة على منشورات «دار الإفتاء» بمواقع التواصل، وسَيل التعليقات الوضيعة أو السطحية؛ تكفى لاستخلاص حال الخطاب الدينى فى حيِّزٍ عريض من نطاقه الاجتماعى، والرواسب التى خلَّفتها جماعاتُ الرجعية فى عقود انفلاتها، وصبغت بها وعىَ العامّة وتصوُّراتهم عن أنفسهم وأدوارهم الاعتقادية.
شاهد أيضاً
حكم الصلاة جلوسًا في الفريضة
أجاب الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على استفسار يتعلق بصحة الصلاة جلوسًا …