في خطوة وصفها العديد من الخبراء العسكريين بأنها تهديد بالغ الخطورة، أطلقت روسيا صاروخ “أوريشنيك” متوسط المدى، المعروف أيضًا بـ “شجرة البندق”، في وقت حساس من الحرب الأوكرانية. الصاروخ الجديد، الذي يمكنه حمل رؤوس نووية، أرسل إشارات قوية إلى الغرب حول نية موسكو في إضعاف حلف شمال الأطلسي (الناتو) وفرض إرادتها على الهيكل الأمني الأوروبي.
تهديد مباشر لأوروبا
صاروخ “أوريشنيك” يمثل تحديًا كبيرًا للناتو، حيث يمكنه ضرب العواصم الأوروبية الكبرى في وقت قياسي. وفقًا لرسم بياني نشرته قناة روسية رسمية، يمكن للصاروخ أن يصل إلى لندن وباريس في غضون 20 دقيقة، وبرلين في 15 دقيقة، ووارسو في 12 دقيقة فقط. هذه السرعة تجعل من الصاروخ سلاحًا استراتيجيًا يهدد بشكل مباشر الأمن الأوروبي.
كما أكّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تصريحات علنية أن الناتو لا يمتلك الوسائل الكافية لاعتراض الصاروخ، مشيرًا إلى إمكانية استخدامه ضد “مراكز اتخاذ القرار” في أوكرانيا إذا لزم الأمر. ورغم أن الصاروخ في الوقت الحالي مجهز برؤوس حربية تقليدية، إلا أن قدرته على حمل رؤوس نووية يجعل منه تهديدًا محتملاً غير قابل للتجاهل.
التصعيد النووي الروسي
مع استخدام “أوريشنيك”، يواصل بوتين التصعيد في حربه ضد أوكرانيا، مؤكّدًا أن موسكو قد تستخدم أسلحتها النووية ضد الدول التي تسمح باستخدام الأسلحة ضد المنشآت الروسية. هذه التصريحات تأتي بعد تهديدات سابقة حول استخدام الأسلحة النووية في حال تعرض الأمن الروسي للتهديد.
بوتين، الذي يشيد بالصاروخ في بياناته العامة، يعتبره “سلاحًا فريدًا” قد يعطي روسيا ميزة استراتيجية على أوروبا. حيث قال بوتين: “إن أحدًا في العالم لا يمتلك سلاحًا مماثلًا، وأي هجوم مكثف باستخدام هذا الصاروخ قد يكون بمثابة استخدام للأسلحة النووية”.
التأثير على العلاقات الأوروبية والأمريكية
منذ انسحاب الولايات المتحدة من معاهدة القوى النووية متوسطة المدى في عام 2019، أصبحت روسيا أكثر حرية في تطوير مثل هذه الصواريخ المدمرة. يتزامن هذا التصعيد مع قلق متزايد في أوروبا بشأن دعم الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، لروسيا وتقليص التزام واشنطن تجاه الناتو. روسيا تسعى من خلال “أوريشنيك” إلى تفتيت التحالفات الغربية وفرض أولوياتها الأمنية على أوروبا.
سباق التسلح الجديد في أوروبا
يعتقد الخبراء العسكريون أن استخدام روسيا لصواريخ “أوريشنيك” قد يكون بداية لسباق تسلح جديد في أوروبا، حيث تسعى الدول الأوروبية إلى تعزيز ترساناتها العسكرية في مواجهة تهديدات موسكو المتزايدة. هذا السباق قد يستمر لعقود ويكلف الدول المعنية مليارات الدولارات.
في الوقت نفسه، لا يبدو أن أوروبا قادرة على مجاراة روسيا من حيث القدرات العسكرية، خاصة في ظل توجيه بوتين الجزء الأكبر من الاقتصاد الروسي نحو الحرب وإنتاج الأسلحة، مما يعزز من قوة موسكو في الصراع المستمر.
خاتمة
يشكل صاروخ “أوريشنيك” تهديدًا استراتيجيًا حقيقيًا لأمن أوروبا، ويعكس تصميم بوتين على فرض هيمنة روسيا على الساحة الأوروبية. هذا الصاروخ يمثل تصعيدًا حاسمًا في الحرب الأوكرانية ويعزز من موقف موسكو في مواجهة الناتو، مما يفتح الباب أمام سباق تسلح جديد قد يكون له تبعات طويلة الأمد على الأمن العالمي.